08. 04. 2023 كتابة : زيد الشعلان
سبب التضخم الكبير، والتكاليف المتزايدة للاقتراض، وقوة الدولار، في جعل سداد الديون وجمع الأموال أكثر تكلفة للدول النامية، مما دفع العديد منها إلى التخلف عن السداد العام الماضي، وفقًا لتقري صادر عن صندوق النقد الدولي، ومقالة نشرتها وكالة رويترز، ويستعرض التقرير 8 دول التي تعتبر الأكثر عرضة لمخاطر الانهيار ومن بينها تونس.
كما يتضمن التقرير مقارنة بين تجارب الدول الأتية:
تونس
يعاني الاقتصاد التونسي، الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة، من أزمة قوية تتمثل في نقص المواد الغذائية الأساسية. ومنذ شهور توقف قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 1.9 مليار دولار، حيث لم تتخذ الحكومة أي إجراءات تذكر بشأن إصلاحات رئيسية، مما أثر سلباً على الديون الداخلية. ومع ذلك، سيتعين على تونس سداد القروض الأجنبية خلال هذا العام، كما حذرت وكالات التصنيف الائتماني من أنها قد تتخلف عن سداد ديونها.
مصر
تعرض الاقتصاد المصري الذي يعتمد ايضاً بشكل كبير على السياحة، لضربة قوية جراء تفشي جائحة كورونا، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، مما أدى إلى تفاقم أزمة النقص في العملات الأجنبية، وزيادة الديون المتراكمة التي يجب سدادها.
ومن أجل تخطي هذه الأزمة، حصلت القاهرة على حزمة دعم بقيمة 3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي، وذلك بفضل اتباعها لسياسة عملة مرنة وتعزيز دور القطاع الخاص، إضافة إلى القيام بمجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية.
ومع ذلك، فقد أثرت القيود المفروضة على الواردات والقيود النقدية على النشاط الاقتصادي، ولا يزال هناك نقص حاد في العملات الأجنبية على الرغم من إجراء ثلاث تخفيضات كبيرة في قيمة العملة منذ مارس 2022، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه إلى النصف تقريبًا.
لبنان
تواجه الحكومة اللبنانية العديد من التحديات الاقتصادية والمالية في الوقت الحالي، حيث تعاني البلاد من تضخم عالي وارتفاع في أسعار المواد الغذائية والمحروقات، بالإضافة إلى انهيار الليرة اللبنانية وتفشي الفقر والبطالة. وقد تسببت الأزمة السياسية والاقتصادية في احتجاجات واسعة النطاق، مما أدى إلى استقالة الحكومة في أوت 2020.
كما يعتبر صندوق النقد الدولي شريكاً مهماً في جهود الحكومة اللبنانية لإدارة الأزمة الاقتصادية والمالية، وهو يعمل مع الحكومة اللبنانية لتحسين الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد. وقد توصلت البلاد إلى اتفاق مؤقت مع الصندوق بقيمة 3 مليار دولار في افريل 2022، لكن الصندوق حذر مؤخرًا من أن لبنان «في وضع خطير للغاية» بسبب التأخير في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات، بما في ذلك الإصلاحات المصرفية وأسعار الصرف.
السلفادور
قامت السلفادور بإزالة عقبة كبيرة في سداد سندات بقيمة 600 مليون دولار في جانفي الماضي، إذ تمتلك الدولة حوالي 6.4 مليار دولار من سندات اليورو المستحقة. وعلى الرغم من أن الدفعة التالية لن يتم تحصيلها حتى عام 2025، إلا أن المخاوف المتعلقة بارتفاع تكاليف خدمة الديون في السلفادور وخططها التمويلية وسياساتها المالية قد دفعت سنداتها إلى منطقة شديدة الانهيار.
وقد أدى تحرك السلفادور بطرح مناقصة قانونية لاستخدام العملة الرقمية “البيتكوين” في شهر سبتمبر 2021 إلى إغلاق الأبواب أمام تمويل صندوق النقد الدولي بشكل فعلي. ومع ذلك، أقر صندوق النقد الدولي بأن المخاطر المرتبطة باستخدام السلفادور للبيتكوين لم تتحقق بعد.
غانا
تمر غانا بأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ عقدين، إذ قدرت نفقاتها الخاصة بسداد الديون بنسبة تفوق 40٪ من مواردها في العام الماضي. في جانفي، تقدمت الدولة بطلبها لإعادة هيكلة الديون الخاصة بها في إطار مشترك، وبذلك تصبح الدولة الرابعة التي تبحث عن الدعم المالي بموجب هذا الإطار.
في ديسمبر، توصلت الدولة إلى اتفاقية بقيمة 3 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي، ومع ذلك، فإن الحصول على تمويل إضافي من المقرضين يتطلب توافر ضمانات تمويلية للتوقيع النهائي.
وبالفعل، توصلت غانا إلى اتفاقية لإلغاء الديون المحلية، وبدأت محادثات رسمية بين الحكومة وحملة السندات الدولية في الأسبوع الماضي.
ملاوي
تعاني جمهورية ملاوي من انعدام النقد الأجنبي وعجز في الميزانية يبلغ حوالي 1.32 تريليون كواشا، وهو ما يعادل 1.30 مليار دولار، أي ما يشكل نسبة 8.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وتسعى الدولة التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، إلى إعادة هيكلة ديونها من أجل تأمين المزيد من التمويل من صندوق النقد الدولي، الذي وافق على تمويل الطوارئ في نوفمبر.
باكستان
تعاني باكستان من عدة مشاكل اقتصادية وسياسية تفاقمت في الفترة الأخيرة، بما في ذلك الفيضانات المدمرة والتضخم القياسي والمحادثات المتعلقة بالديون.
حيث وافقت الصين على إعادة تمويل بقيمة 1.8 مليار دولار، تم إيداعها في البنك المركزي الباكستاني، وقد جمعت البلاد الشهر الماضي قرضاً بقيمة 2 مليار دولار، مما ساهم في تخفيف الأزمة المالية الحالية في البلاد.
ومع ذلك، ما زالت هناك مشكلة فيما يتعلق بمجموعة القروض المتأخرة بقيمة 1.1 مليار دولار، والتي يتم التفاوض عليها مع صندوق النقد الدولي. كما انخفضت احتياطات النقد الأجنبي في البلاد إلى مستويات منخفضة جدًا، مما يؤكد على ضرورة إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد.
سريلانكا
تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الدولية في العام الماضي، نتيجة سوء الإدارة الاقتصادية الذي تفاقم بسبب جائحة كورونا، مما أدى إلى نشوب أزمة سياسية وحرمانها من العملة الاجنبية اللازمة لاستيراد المواد الأساسية.
قد يساعد توقيع صندوق النقد الدولي على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليار دولار الشهر الماضي، الدولة على تأمين دعم إضافي بقيمة 4 مليار دولار من البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي وجهات أخرى مقرضة.
وتهدف السلطات الحكومية إلى إتمام محادثات إعادة هيكلة الديون بحلول شهر سبتمبر، ويعملون أيضًا على إعادة صياغة جزء من الديون المحلية، بهدف التخلص منها بحلول شهر مايو.
وفي الختام، تتعرض البلدان النامية في العالم لمشاكل مالية كبيرة، حيث تتراكم عليها الديون بشكل كبير، وتجد صعوبة في سداد هذه الديون. وتعد هذه المشكلة من أكبر التحديات التي تواجهها هذه البلدان، وتؤثر بشكل سلبي على اقتصادها.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات الدولية والدول الأكثر تقدماً في تخفيف أعباء الديون عن هذه الدول، فإن البلدان النامية التي لم تتمكن من سداد ديونها لا تزال تعاني من مشكلة الديون الخارجية، وهذا بدوره يؤدي بها للإفلاس والتدهور الاقتصادي.
ولحل هذه المشكلة، يتطلب الأمر تعاوناً دولياً فعالاً، يتمثل في إعادة هيكلة الديون وتخفيض الفوائد المترتبة عليها، بالإضافة إلى زيادة المساعدات المالية والتنموية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر فيها. كما يتطلب ايضاً تحقيق إصلاحات اقتصادية، من خلال تحسين الإدارة المالية والمالية العامة وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات.