ينصّ الفصل 30 رابعا من القانون عدد 9 لسنة 2025 المؤرخ في 21 ماي 2025، والمُتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، على أن تتولى المؤسسة المسدية للخدمات أو القائمة بأشغال تأمين ضمان مالي يُخصّص لخلاص مستحقات أجرائها واشتراكاتهم بعنوان الضمان الاجتماعي في صورة إخلالها بالتزاماتها تجاههم.
وفي صورة عدم كفاية مبلغ الضمان المالي لتغطية مستحقات الأجراء واشتراكات الضمان الاجتماعي، تحلّ المؤسسة المستفيدة محلّ المؤسسة المُسدية للإيفاء بهذه الالتزامات، على أن تُضبط شروط تطبيق هذا الفصل وصيغه وإجراءاته بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية، وقد صدر هذا القرار عن وزير الشؤون الاجتماعية بتاريخ 23 سبتمبر 2025 لضبط شروط تطبيق الفصل 30 رابعا من مجلة الشغل.
بمقتضى هذا القرار يجب على كل مؤسسة إسداء خدمات أو قيام بأشغال تأمين ضمان مالي لدى أحد البنوك أو إحدى المؤسسات المالية، في أجل لا يتجاوز 3 أيام من تاريخ إبرام عقد إسداء الخدمات أو القيام بأشغال مع المؤسسة المستفيدة، على أن يكون الضمان المالي ساري المفعول طيلة مدة تنفيذ العقد المذكور.
ويُقدّر مبلغ الضمان المالي الواجب تأمينه بنسبة 20% من قيمة المبلغ المُضمّن بعقد إسداء الخدمات أو قيام بأشغال، ويُخصّص مبلغ الضمان المالي لخلاص ديون أجراء المؤسسة المُسدية في صورة عدم الوفاء بها في أجل 7 أيام من تاريخ حلول أجلها، أو المماطلة في ذلك .
ورغم أن الهدف المعلن للقرار هو حماية حقوق الأجراء وضمان التزامات الضمان الاجتماعي، فإن مضمونه العملي يثير تحديات على مستويين، المستوى القانوني ومستوى الجدوى الاقتصادية، ما قد يجعل تطبيقه في صيغته الحالية صعبا أو مستحيلاً، ومن شأنه أن يُثقل كاهل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ويُقصيها من المنافسة، ويخلق سوقاً محتكرة لصالح المؤسسات القادرة على توفير الضمانات البنكية فقط.
وقد تم في إعداد هذه الورقة الاستئناس بآراء عدد من الخبراء في قانون الشغل والتصرف في الموارد البشرية، وأساتذة جامعيين، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات القطاع الخاص وفاعلين اقتصاديين من قطاعات مختلفة، بهدف رصد مختلف وجهات النظر حول القرار وتقييم انعكاساته القانونية والاقتصادية والاجتماعية.